السلام : التحية المباركة الطيبة
اعداد سعيد عامر
الحمد لله كثيرًا، والصلاة والسلام على رسوله محمد الذي أرسله شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وبعد
فقد ذكرنا في الحلقة السابقة حكم السلام على الفسقة والعصاة، وفي هذه الحلقة نبين حكم السلام على الكفار
أولاً مفهوم الكفر
الكفر في اللغة الستر، مستعار من كفر الشيء إذا غطاه، والكفر نقيض الإيمان
الكفر في الشرع هو إنكار ما عُلم ضرورة أنه من دين محمد ، كإنكار وجود الله، ونبوة النبي وحرمة الزنا إلخ
والكفر أعظم الذنوب، قال تعالى إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ لقمان
وفي الحديث المتفق عليه من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله قال «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين »
والإشراك مصدر أشرك، يُقال أشرك بالله، جعل له شريكًا في ملكه، والإشراك أعم من الكفر
وحكم الله على هؤلاء في الآخرة كما قال وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ التغابن ، وقال تعالى لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ الزمر
والأمة الإسلامية واجب عليها دعوة الكفار إلى الإسلام، قال تعالى ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ النحل ، ولا يقاتلون قبل الدعوة إلى الإسلام، لأن قتال الكفار لم يُفرض لعين القتال، بل للدعوة إلى الإسلام
والدعوة بالبيان اللسان أسبق من الدعوة بالبنان القتال ، والدعوة بالتبليغ أهون من الدعوة بالقتال ؛ لأن القتال فيه مخاطرة بالروح والنفس والمال، وليس في دعوة التبليغ شيء من ذلك، فإذا احتمل حصول المقصود بأهون الدعوتين لزم الافتتاح بها راجع الموسوعة الفقهية ،
ثانيًا السلام على الكافر
أ السلام على أهل الذمة
الذمة تطلق على العهد والأمان، والضمان والكفالة إلخ
وتضييع هذا كلِّه مذموم، قال ابن منظور الذَّمُّ نقيضُ المدح
روى أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه «المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم» وأصل الحديث في الصحيحين عن علي رضي الله عنه بلفظ «ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم» قال أبو عبيدة الذمة هنا ورجل ذميِّ له عهد
رد السلام على أهل الذمة
رد السلام على أهل الذمة يجوز إذا تحقق المسلم من لفظ السلام
ب السلام على الكافر
علمنا أن الكافر جاحد لله ورسوله واليوم الآخر، وهو خصم لدود للمؤمن، ولذلك فإن قلب المؤمن لا ينعقد على محبته، وإن ملأ الدنيا بخُلق حسن ومعاملة سمحة، فذلك مجاراة، وتظاهر ليستميل القلوب إليه، ويعلو أمره، وتروج تجارته ؛ إذ كيف يكون حسن الخلق مع الناس وهو في الحقيقة سيئ الخلق مع رب الناس، قال تعالى لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ المجادلة
وهو مع هذا يعامله بالعدل والإحسان، لا بالظلم والعدوان، ما دام ذا عهد وأمان، قال تعالى لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ الممتحنة
وقد أجاز بعض العلماء إن اقتضت الحاجة والضرورة أن يقول السلام عليك ويقصد اسم الله، بمعنى أن الله رقيب عليكم وقادر عليكم، فإن لم تدع حاجة ولا ضرورة فلا بأس بتحية غير السلام ؛ لأن السلام حق ثابت للمسلم لا للكافر، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بدئهم بالسلام، والنهي يفيد التحريم ؛ لأن هذا هو ظاهر النهي، ورأي بعض الشافعية أنه للكراهة، وهو ضعيف
الرد على الكافر
إذا بدأنا الكافر بالسلام، فقد وجب علينا أن نرد عليهم التحية، وهذا من سماحة الإسلام ويسره، وبهذا قال جمهور العلماء،
روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت استأذَنَ رَهْطٌ من اليهود على رسول الله فقالوا السَّامُ عليكم، فقالت عائشةُ بَلْ عليكم السامُ واللعنة، فقال رسول الله «يا عائشة، إن الله يُحبُّ الرفق في الأمر كله» قالت ألم تسمع ما قالوا ؟ قال «قد قلتُ وعليكم» وفي رواية عن الزهري قال رسول الله «قد قلتُ عليكم» ولم يذكروا الواو
فاليهود قوم جبناء في الظاهر، مسالمون، وفي الباطن محاربون، قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ آل عمران ، فلما كانت تحية المسلمين السلام عليكم لم يظهر اليهود محاربتهم لهذه التحية، بل حاولوا أن يظهروا استحسانهم لها وقبولها، فكانوا إذا لقوا المسلمين قالوا لهم السام عليكم، بدون اللام، والسام الموت، يوهمونهم أنهم يقولون السلام عليكم وهم يدعون على المسلمين بالموت، وفطن المسلمون لهذا، فشكوا إلى رسول الله كيف نرد عليهم ؟ قال قولوا وعليكم، وتجاوز الأمر الصحابة إلى رسول الله نفسه، دخل عليه جماعة منهم وهو في بيت عائشة رضي الله عنها فقالوا السام عليك يا أبا القاسم، وسمعتهم عائشة رضي الله عنها، وفطنت لقولهم، فغضبت وثارت، وقالت لهم وعليكم السام والموت الذؤام ولعنة الله والناس أجمعين، فأشار إليها أن تمسك وأن تهدأ، وقال لها قد سمعت وقلت لهم وعليكم، أنا لم أبعث فاحشًا ولا متفحشًا، دعونا عليهم بما دعوا به علينا، ولا يجاب لهم، ويجيب الله دعاءنا، ونزل قول الله تعالى وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ المجادلة
فرسول الله لا يخفى عليه مكرهم وسوء قصدهم، فرد عليهم بما هم أهل له، وبهذا يتبين أن لليهود وغيرهم من أعداء الإسلام ردًا خاصًا يليق بهم
والجمهور على أنه يرد عليهم قائلاً «وعليكم»، أو «عليكم»، أو «عليك»، أو «وعليك» بالإفراد، وقد جاءت الروايات في البخاري ومسلم بذلك قال النووي الصواب أن حذف الواو وإثباتها ثابتان جائزان، وإثباتها أجود ولا مفسدة فيه، وعليه أكثر الروايات، وفرق بعض العلماء بين أهل الذمة وأهل الحرب، فأهل الذمة يرد عليهم السلام، بما ثبت في السنة، وأهل الحرب لا يرد سلامهم
والراجح هو قول الجمهور وهو الذي ثبت من فعله وقوله، ولا نرد إلا بما ثبت في السنة الصحيحة، وللحديث بقية، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
نقلا عن موقع مجلة التوحيد الصادرة عن جماعة انصار السنة المحمدية
وهج العيون
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن جميع مشاركات وهج العيون
اعداد سعيد عامر
الحمد لله كثيرًا، والصلاة والسلام على رسوله محمد الذي أرسله شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وبعد
فقد ذكرنا في الحلقة السابقة حكم السلام على الفسقة والعصاة، وفي هذه الحلقة نبين حكم السلام على الكفار
أولاً مفهوم الكفر
الكفر في اللغة الستر، مستعار من كفر الشيء إذا غطاه، والكفر نقيض الإيمان
الكفر في الشرع هو إنكار ما عُلم ضرورة أنه من دين محمد ، كإنكار وجود الله، ونبوة النبي وحرمة الزنا إلخ
والكفر أعظم الذنوب، قال تعالى إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ لقمان
وفي الحديث المتفق عليه من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله قال «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين »
والإشراك مصدر أشرك، يُقال أشرك بالله، جعل له شريكًا في ملكه، والإشراك أعم من الكفر
وحكم الله على هؤلاء في الآخرة كما قال وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ التغابن ، وقال تعالى لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ الزمر
والأمة الإسلامية واجب عليها دعوة الكفار إلى الإسلام، قال تعالى ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ النحل ، ولا يقاتلون قبل الدعوة إلى الإسلام، لأن قتال الكفار لم يُفرض لعين القتال، بل للدعوة إلى الإسلام
والدعوة بالبيان اللسان أسبق من الدعوة بالبنان القتال ، والدعوة بالتبليغ أهون من الدعوة بالقتال ؛ لأن القتال فيه مخاطرة بالروح والنفس والمال، وليس في دعوة التبليغ شيء من ذلك، فإذا احتمل حصول المقصود بأهون الدعوتين لزم الافتتاح بها راجع الموسوعة الفقهية ،
ثانيًا السلام على الكافر
أ السلام على أهل الذمة
الذمة تطلق على العهد والأمان، والضمان والكفالة إلخ
وتضييع هذا كلِّه مذموم، قال ابن منظور الذَّمُّ نقيضُ المدح
روى أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه «المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم» وأصل الحديث في الصحيحين عن علي رضي الله عنه بلفظ «ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم» قال أبو عبيدة الذمة هنا ورجل ذميِّ له عهد
رد السلام على أهل الذمة
رد السلام على أهل الذمة يجوز إذا تحقق المسلم من لفظ السلام
ب السلام على الكافر
علمنا أن الكافر جاحد لله ورسوله واليوم الآخر، وهو خصم لدود للمؤمن، ولذلك فإن قلب المؤمن لا ينعقد على محبته، وإن ملأ الدنيا بخُلق حسن ومعاملة سمحة، فذلك مجاراة، وتظاهر ليستميل القلوب إليه، ويعلو أمره، وتروج تجارته ؛ إذ كيف يكون حسن الخلق مع الناس وهو في الحقيقة سيئ الخلق مع رب الناس، قال تعالى لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ المجادلة
وهو مع هذا يعامله بالعدل والإحسان، لا بالظلم والعدوان، ما دام ذا عهد وأمان، قال تعالى لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ الممتحنة
وقد أجاز بعض العلماء إن اقتضت الحاجة والضرورة أن يقول السلام عليك ويقصد اسم الله، بمعنى أن الله رقيب عليكم وقادر عليكم، فإن لم تدع حاجة ولا ضرورة فلا بأس بتحية غير السلام ؛ لأن السلام حق ثابت للمسلم لا للكافر، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بدئهم بالسلام، والنهي يفيد التحريم ؛ لأن هذا هو ظاهر النهي، ورأي بعض الشافعية أنه للكراهة، وهو ضعيف
الرد على الكافر
إذا بدأنا الكافر بالسلام، فقد وجب علينا أن نرد عليهم التحية، وهذا من سماحة الإسلام ويسره، وبهذا قال جمهور العلماء،
روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت استأذَنَ رَهْطٌ من اليهود على رسول الله فقالوا السَّامُ عليكم، فقالت عائشةُ بَلْ عليكم السامُ واللعنة، فقال رسول الله «يا عائشة، إن الله يُحبُّ الرفق في الأمر كله» قالت ألم تسمع ما قالوا ؟ قال «قد قلتُ وعليكم» وفي رواية عن الزهري قال رسول الله «قد قلتُ عليكم» ولم يذكروا الواو
فاليهود قوم جبناء في الظاهر، مسالمون، وفي الباطن محاربون، قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ آل عمران ، فلما كانت تحية المسلمين السلام عليكم لم يظهر اليهود محاربتهم لهذه التحية، بل حاولوا أن يظهروا استحسانهم لها وقبولها، فكانوا إذا لقوا المسلمين قالوا لهم السام عليكم، بدون اللام، والسام الموت، يوهمونهم أنهم يقولون السلام عليكم وهم يدعون على المسلمين بالموت، وفطن المسلمون لهذا، فشكوا إلى رسول الله كيف نرد عليهم ؟ قال قولوا وعليكم، وتجاوز الأمر الصحابة إلى رسول الله نفسه، دخل عليه جماعة منهم وهو في بيت عائشة رضي الله عنها فقالوا السام عليك يا أبا القاسم، وسمعتهم عائشة رضي الله عنها، وفطنت لقولهم، فغضبت وثارت، وقالت لهم وعليكم السام والموت الذؤام ولعنة الله والناس أجمعين، فأشار إليها أن تمسك وأن تهدأ، وقال لها قد سمعت وقلت لهم وعليكم، أنا لم أبعث فاحشًا ولا متفحشًا، دعونا عليهم بما دعوا به علينا، ولا يجاب لهم، ويجيب الله دعاءنا، ونزل قول الله تعالى وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ المجادلة
فرسول الله لا يخفى عليه مكرهم وسوء قصدهم، فرد عليهم بما هم أهل له، وبهذا يتبين أن لليهود وغيرهم من أعداء الإسلام ردًا خاصًا يليق بهم
والجمهور على أنه يرد عليهم قائلاً «وعليكم»، أو «عليكم»، أو «عليك»، أو «وعليك» بالإفراد، وقد جاءت الروايات في البخاري ومسلم بذلك قال النووي الصواب أن حذف الواو وإثباتها ثابتان جائزان، وإثباتها أجود ولا مفسدة فيه، وعليه أكثر الروايات، وفرق بعض العلماء بين أهل الذمة وأهل الحرب، فأهل الذمة يرد عليهم السلام، بما ثبت في السنة، وأهل الحرب لا يرد سلامهم
والراجح هو قول الجمهور وهو الذي ثبت من فعله وقوله، ولا نرد إلا بما ثبت في السنة الصحيحة، وللحديث بقية، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
نقلا عن موقع مجلة التوحيد الصادرة عن جماعة انصار السنة المحمدية
وهج العيون
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن جميع مشاركات وهج العيون